القراءة أداة أساسية تساعدنا على اكتساب المعرفة، وبناء مفرداتنا ومهارات الفهم، وأن نصبح أكثر اطّلاعًا. منذ الطفولة المبكرة، حين يقرأ الآباء لأطفالهم، ثم في الروضة، ومع التقدّم في العمر، تصبح القراءة شيئًا يفعله تقريبًا الجميع يوميًا. لم نعد نفكّر فيها كثيرًا؛ صارت أمرًا مُسلّمًا به. مثل قراءتك هذه التدوينة الآن. ومع ذلك، قد يكون من الصعب الحفاظ على التركيز عند قراءة كتاب. قبل أن نبدأ، لِنلقِ نظرة على بعض الإحصاءات المقلقة. حسب Statista، متوسط وقت القراءة لمن هم دون 75 عامًا في الولايات المتحدة لا يتجاوز 16.8 دقيقة. ولدى فئة 75+ يرتفع الوقت اليومي إلى 40 دقيقة. وكانت هذه الأرقام في ذروة عصر كوفيد حين ازداد وقت القراءة. إذًا، إذا كانت المُشتّتات إحدى العقبات أمام القراءة، فكيف نتخلّص منها ونُبعدك عن شرود الذهن نحو الوجبة التالية أو التمرين أو حتى الكتاب القادم؟ سواء أكنت تقرأ كتابًا دراسيًا للمذاكرة أم شيئًا للمتعة، فإن تعلّم كيفية التركيز أثناء القراءة يساعدك على تعظيم الفائدة من وقتك مع المادة. إليك بعض النصائح لتحسين تركيزك أثناء القراءة كي تستفيد من كل صفحة.
حدّد أهدافًا واقعية
ابدأ بتحديد أهداف واقعية لنفسك. قرِّر مقدار ما تريد قراءته يوميًا والتزم بذلك. امنح نفسك فترات راحة عند الحاجة، من دون أن تُبطئ تقدّمك كثيرًا. وجود خطة يساعدك على البقاء على المسار والمحافظة على الحافز.
هيّئ الجو المناسب
يساعدك تهيئة بيئة مواتية على التركيز دون الشعور بالنعاس أو الخمول. تأكد من وجود إضاءة كافية وتهوية جيدة لتحافظ على جو منعش ويقِظ. إذا أمكن، اذهب إلى مكان هادئ مثل مقهى أو مكتبة حيث تقل المثيرات الخارجية. والتحضير المسبق قبل أي جلسة قراءة أساسي؛ حاول الحصول على ساعات نوم كافية كل ليلة لتبقى مستويات الطاقة مرتفعة طوال اليوم. وقلّل من استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لأنها تُفضي إلى شرود الذهن وتُضعف التركيز عند قراءة نصوص طويلة كالمقررات الدراسية أو الأبحاث الأكاديمية.
حدّد مصادر إلهائك
أولًا، تقليل المُشتّتات يساعدك على البقاء مُركّزًا أثناء القراءة. ومن الطرق المفيدة تحديد مصادر الإلهاء وإزالتها. احرص على مساحة هادئة خالية من الضوضاء والملهيات. إن كنت تتشتّت بسهولة بالأصوات، فاجعل منطقة الدراسة خالية من الخلفيات المزعجة مثل الموسيقى أو التلفاز. جرّب أيضًا الكتب الصوتية؛ فمرافقة الصوت أثناء القراءة قد تُطيل مدى انتباهك وتعينك على التركيز بمحاولة مجاراة الصوت. يمكنك الاستماع والقراءة معًا بدل الاكتفاء بالقراءة الصامتة. وهذا يناسب أيضًا الجيل الأكبر الذي بدأ يدخل عالم الكتب الصوتية تدريجيًا، ولن يشعروا أنهم لا «يقرأون». أوقف الإشعارات على هاتفك الذكي أو أي جهاز قد يسرقك من كتاب جيد أو مادةٍ مهمّة. والضوضاء الخلفية عامل لا يُستهان به لأنها قد تنتقص من وقت التركيز. إن كانت مشتّتة، ففكّر في الاستثمار في سماعات تلغي الضوضاء أو الاستماع إلى موسيقى آلية أو أصوات الطبيعة أثناء القراءة. فهذا يحجب الأصوات غير المرغوب فيها ويُعزّز تركيزك على المادة. جرّب وضع الراهب. ولكن، ما هو وضع الراهب؟ وضع الراهب ذاع صيته في السنوات القليلة الماضية ويعتمده الرؤساء التنفيذيون وروّاد الأعمال لمساعدتهم على التركيز وإنجاز المهام. وربما يساعدك أيضًا على التركيز أثناء القراءة. مفهوم تخصيص فترات زمنية لمهمة محددة موجود منذ عقود، لكنه اكتسب شعبية واسعة مع صعود تيك توك. إذا راودك الفضول حول وضع الراهب، ربما يمكنك الحصول على هذا التطبيق. ولمن يعانون من اضطراب فرط الحركة وتشتّت الانتباه (ADD) أو (ADHD)، قد تفيد إعادة قراءة المقطع نفسه عدة مرات وأخذ استراحات متكررة في الحفاظ على التركيز أثناء القراءة.
نظّم أمورك
نظّم موادك لتبقى على المسار وتتجنّب أي ارتباك. اقرأ باتساق، من الأعلى إلى الأسفل، أو من اليسار إلى اليمين. استخدم فواصل الصفحات أو الملاحظات الهامشية لتذكّر النقاط المهمة. إذا كان قسمٌ معيّن صعب الفهم، فامنحه وقتًا إضافيًا وتأكد من تكوين فهم متين قبل الانتقال.
كافئ نفسك وخذ فترات راحة.
ختامًا، كافئ نفسك على جهدك بمنحها شيئًا ممتعًا بعد القراءة لوقت محدّد أو عند بلوغ أهداف معيّنة. ولا تنسَ أخذ فترات راحة منتظمة أثناء جلستك القرائية أيضًا. فمن السهل أن تُرهِق نفسك سريعًا، خاصةً عند قراءة موضوعات معقّدة. سيساعدك أخذ دقيقة استراحة كل 10–15 دقيقة على تجديد طاقتك الذهنية وإعادة تركيزك على الموضوع التالي. وباتباع هذه النصائح، ستحافظ على تركيزك أثناء القراءة، وتكون أكثر إنتاجية، وتستمتع بفوائد القراءة المنتظمة — مثل توسيع معارفك وصقل مهاراتك اللغوية والفهم. ومع الممارسة والالتزام، ستستفيد إلى أقصى حدّ من وقت قراءتك وتصبح قارئًا أفضل. الانضباط صعب، لكن واظب عليه وسيترسّخ تدريجيًا. أمّا من يعانون اضطراب نقص الانتباه (ADD) أو فرط الحركة وتشتّت الانتباه (ADHD)، فقد يُفيدهم إعادة قراءة المقطع نفسه مرارًا وأخذ استراحات متكرّرة للحفاظ على التركيز أثناء الجلسة. كما يُسهِم تحديد أهداف واضحة قبل كل جلسة في تتبّع التقدّم ويسهّل التركيز على النقاط الأساسية التي تحتاج إلى إتقان. إضافةً إلى ذلك، يفيد تدوين الملاحظات في تعزيز الفهم واحتفاظ المعلومات أثناء القراءة؛ وبهذه الطريقة تقلّ حاجتك إلى إعادة قراءة مقاطع بسبب ضعف الفهم أو الاستدعاء.
وبوضع هذه النصائح نصب عينيك، واعتماد عادات جيّدة مثل استخدام تقنية بومودورو، ووضع الراهب (monk mode)، وتطبيق مبادئ إدارة الوقت — سيغدو التركيز في قراءتك أسهل بكثير مع مرور الوقت!

