هناك أمور في الحياة، رغم حسن نوايانا، نأخذها مُسلَّمًا بها. وبالنسبة لكثيرين، تعلّم القراءة بسرعة واحد من هذه الأمور.
الأهم أن نفهم أن القراءة ليست مجرد "طريقة أخرى لتمضية الوقت." كثير من أعظم ما أُبدِع جاء مطبوعًا. الأعمال الكاملة لسير آرثر كونان دويل. ويليام شكسبير. مارك توين. والقائمة تطول.
وفوق ذلك، فإن القراءة للمتعة تجلب معها طيفًا واسعًا من الفوائد الصحية. فهي لا تعزز قدرة الشخص على التركيز فحسب، بل تؤثر إيجابيًا أيضًا في ذاكرته وتعاطفه وحتى قدرته على التواصل مع الآخرين. وقراءة كتاب جيد بين الحين والآخر تساعد كذلك على تقليل التوتر، وهو بحد ذاته ينعكس كثيرًا على تحسين الصحة النفسية.
الخلاصة: القراءة مفيدة جدًا من شتى الجوانب. لكن إن كنت تظن أنك لا تستطيع الاستمتاع بتلك الرواية المبهرة الجديدة لأن يومك لا يتّسع وسط التزاماتك الأخرى، فلا تقلق. إن أردت تعلّم القراءة بسرعة أكبر، فهناك أمور أساسية قليلة يجدر وضعها في الحسبان.
عادات القراءة لدى الناجحين: نظرة تحليلية
إن أردت حجّة قوية تؤيد القراءة السريعة، فلن تحتاج للبحث أبعد من بعض أنجح الناس في شتى المجالات.
كليف ويتزمان، الرئيس التنفيذي لشركة Speechify، يفاخر بقدرته على قراءة أكثر من 100 كتاب سنويًا، لأنه يقرأ بسرعة تفوق 600 كلمة في الدقيقة.
بيل غيتس، مؤسس مايكروسوفت وأحد أغنى رجال العالم سابقًا، يقرأ بنحو 750 كلمة في الدقيقة، وبذلك يتمكّن من قراءة 50 كتابًا سنويًا.
وارن بافيت، ملياردير ناجح آخر، يقول إنه يقضي بين خمس وست ساعات يوميًا - كل يوم - في القراءة. وإلى جانب قراءة خمس صحف لا صحيفة واحدة، يطالع أيضًا أكثر من 500 صفحة من تقارير الشركة.
مؤسس فيسبوك مارك زوكربيرغ يقول إنه يجعل من أولوياته قراءة كتاب واحد على الأقل كل أسبوعين. يؤكد شقيق إيلون ماسك أنه طوال طفولته، كان صاحب الرؤية في تسلا يقرأ كتابين يوميًا. مارك كوبان يقضي ما لا يقل عن ثلاث ساعات يوميًا في القراءة.
حتى الآن، على الأرجح أنك لاحظت نمطًا ما.
الشريك المؤسس لهوم ديبوت آرثر بلانك، ورائد الأعمال الملياردير ديفيد روبنستاين، ومالك كليفلاند كافالييرز دان جيلبرت - القاسم المشترك بينهم أنهم يقتطعون من يومهم وقتًا للقراءة قدر المستطاع لأنهم يدركون القيمة التي تضيفها إلى حياتهم.
هل يعني ذلك أنك إن أجبرت نفسك فقط على تحسين سرعتك في القراءة، أو على قراءة المزيد من الكتب، ستصبح مليارديرًا مثل معظم الأشخاص في هذه القائمة؟ قطعًا لا.
لكن لا ضرر إطلاقًا من المحاولة.
أبرز فوائد تعلّم القراءة بسرعة
وعند الحديث عن تعلّم زيادة سرعة قراءتك، يجدر التنبيه إلى أن ذلك يجلب معه باقة من الفوائد الفريدة التي لا يمكن تجاهلها.
أبرزها أن القراءة السريعة أكثر كفاءة من القراءة بالوتيرة "التقليدية". ولا تخلط بينها وبين "التصفح السطحي"، وهو مسح الصفحة بسرعة بحثًا عن كلمات أو عبارات معيّنة لالتقاط الفكرة العامة.
كلا، القراءة السريعة مختلفة - فأنت تدرب دماغك على معالجة المعلومات بأقصى سرعة ممكنة، ما يفضي في النهاية إلى تجربة أكثر كفاءة وفي جزء يسير من الوقت المعتاد.
ومن أوجه الاختلاف أيضًا أن الممارسة تمكّنك من الاحتفاظ بما تقرؤه حتى وأنت تقرأ بسرعة. ولا يزال بإمكانك قراءة كل كلمة في كل مرة وزيادة سرعتك، لكنه قد لا يكون بالكفاءة نفسها.
هذه الأيام، يمكنك حتى الاستعانة بالتكنولوجيا الحديثة لمساعدتك على بلوغ هدفك. تحويل النص إلى كلام (المعروف اختصارًا بـ TTS) يتيح لك تحويل الكلمة المطبوعة إلى صوت تسمعه ليس على الكمبيوتر فحسب، بل أيضًا على هاتفك الذكي أو جهازك اللوحي أو أي جهاز محمول لديك. هذه التحويلات الصوتية بالغة الدقة ويمكنك كذلك التحكم في سرعة التشغيل. لذا إن أردت الاستماع إلى كتاب أثناء التمرين أو التسوّق بسرعة 2x أو حتى 4x، فهذا ممكن تمامًا — لتحصل على التجربة التي ترغب بها وتوفّر في الوقت نفسه الكثير من الوقت.
يمكنك حتى استخدام تحويل النص إلى كلام للاستماع بالتزامن مع الكتاب المطبوع بين يديك. يمكنك متابعة المسار الصوتي مع النص المُظلَّل، وكأنك تفتح قناتين مختلفتين للدماغ. فأنت لا ترى الكلمات فحسب، بل تسمعها أيضًا بالسرعة التي تريدها.
أظهرت الدراسات أن تعدد القنوات الحسية أفضل دائمًا للاحتفاظ بالمعلومات من الاعتماد على قناة واحدة فقط. لهذا السبب يميل الأطفال في المدرسة إلى الأداء الأفضل عندما يتعلمون عبر جهاز مثل الآيباد مقارنة بالكتاب المدرسي التقليدي. فهم لا يكتفون برؤية الكلمات على الصفحة، بل يتفاعلون معها عبر اللمس — ما يوفّر للدماغ قناتين مختلفتين أثناء التعلم.
تعلّم القراءة السريعة: لمحة عامة
أهم خطوة يمكنك اتخاذها في سعيك لتعلّم القراءة بشكل أسرع هي التركيز قدر الإمكان على الكلمات المفتاحية. نادرًا ما تحتاج إلى قراءة جملة كاملة لفهم المعلومة التي يحاول الكاتب توصيلها. درّب عينيك على التقاط الكلمات المفتاحية وستلتقط الفكرة نفسها في وقت أقصر بكثير.
طريقة أخرى لتعلّم القراءة السريعة هي تجنّب النطق الداخلي كلما أمكن. وذلك عندما تجد نفسك، أثناء مسح الكلمات على الصفحة، تقرؤها همسًا في داخلك. تذكّر أن الدماغ أسرع بكثير من اللسان — فقد تخطر لك فكرة في جزء من الثانية، لكن يستغرق التعبير عنها بالكلام وقتًا أطول. ما يعني أن النطق الداخلي يبطّئ قراءتك كثيرًا؛ فإن استطعت كبحه ستلاحظ تحسنًا يكاد يكون فوريًا.
يجد كثيرون أن تعلّم القراءة السريعة ينجح أكثر عند استخدام الإصبع كدليل بصري. ضع إصبعك على الصفحة أثناء القراءة وحرّكه على امتداد كل سطر. وحاول زيادة سرعته تدريجيًا، فسيواكب دماغك ذلك ويعالج المعلومات أسرع.
وأخيرًا، لا تنسَ أن القراءة السريعة تحتاج إلى أقصى قدر من التركيز. لن تتمكن من القراءة بسرعة وأنت تجري حديثًا جانبيًا مع شخص في الغرفة، أو والتلفاز يعمل في الخلفية. خصّص انتباهك للنص أمامك وستلاحظ تحسّن سرعتك.
أمثلة وفوائد القراءة السريعة
كما ذُكر سابقًا، إحدى الفوائد الرئيسية للقراءة السريعة أنها أكثر كفاءة بكثير من القراءة بوتيرة بطيئة ومتأنية. وهذا لا يعني أنه لا قيمة لأخذ وقتك والاستمتاع بكل مقطع من كتاب تحبه حقًا — لكن القراءة السريعة مناسبة حين تريد إنجاز أكبر قدر ممكن من القراءة.
وبالمثل، كلما قرأت أكثر من المحتوى المكتوب، عرضت نفسك لعالم من الأفكار الجديدة والمثيرة التي ربما كانت ستفوتك لولا ذلك. إذا رغبت يومًا في قراءة عمل ضخم مثل «الحرب والسلام» (أو أي شيء كتبه ستيفن كينغ في الثمانينات) لكنك ترددت بسبب العدد الهائل من الكلمات والوقت المطلوب، فالقراءة السريعة هي طريقتك لتوفير الوقت وتحقيق هدفك بأعلى قدر من الفعالية.
كمية الكتب التي يمكنك قراءتها فعليًا في سنة معينة أثناء القراءة السريعة ستعتمد على مجموعة من العوامل. أولًا، عليك أن تأخذ في الاعتبار سرعتك الفعلية لأن 300 كلمة في الدقيقة ستعطي نتائج مختلفة عن 750 كلمة في الدقيقة. ثم ضع في الحسبان طول الكتب نفسها. إذا التزمت بروايات من 200 صفحة، ستتمكن من قراءة أكثر بكثير مما لو ركّزت فقط على ملحمات بطول 1100 صفحة.
وأخيرًا، ضع في الاعتبار مقدار الوقت الذي تخطط لقضائه يوميًا في القراءة وعدد الأيام في الأسبوع التي تكرّسها لهذا النشاط. كل هذا يعني أنه لا توجد "معادلة واحدة صحيحة" تقول إنك ستقرأ عدد X من الكتب في السنة بسرعة Y.
مع ذلك، إذا كان القارئ العادي يمكنه قراءة نحو 40 صفحة في الساعة بسرعة تبلغ 250 كلمة في الدقيقة، فبوسعك قراءة 300 صفحة في وقتٍ يقارب ثماني ساعات فقط بسرعة 300 كلمة في الدقيقة. أي أنه بهذا الإيقاع يمكنك نظريًا إنهاء كتاب متوسط يوميًا (بحسب التزاماتك الأخرى).
وقارن ذلك بسرعة قراءة تبلغ 450 كلمة في الدقيقة، فعندها يمكنك إنهاء 250 إلى 300 صفحة في نحو 4.6 ساعة.
في المحصلة، كل ذلك يقدم حجة قوية لتعلّم القراءة السريعة لتصبح القارئ السريع الذي لطالما رغبت أن تكونه. ليس فقط لأنك تلتهم معلومات أكثر في وقت أقصر، بل لأنك أيضًا تصبح أكثر إنتاجية. ذلك الارتفاع في الإنتاجية بحد ذاته يستحق العناء لدى معظم الناس.
لمعرفة المزيد حول كيفية القراءة بوتيرة أسرع، أو للحصول على رؤى إضافية حول مزايا القراءة السريعة، لا تتردد - اتصل بـ Speechify اليوم.

